فعلة عدم حج النبي صلى الله عليه وسلم عام تسع أمران:
علة شرعية: وهي أنه صلى الله عليه وسلم ما أراد أن يخالط المشركين في حجته، وذلك أن المسلمين والمشركين حجوا جميعا، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه مؤذنا في الناس أنه لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان.
علة كونية: وهي من إكرام الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، وذلك أنه عليه الصلاة والسلام لما حج خطب في الناس فقال: إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض. وذلك أن العرب كانت تنسأ الأشهر الحرم حتى أخلت بالحساب وجهلت مواقع الأشهر الحرم كما وضعها الله تعالى، فدار الزمان دورته على زمان النبي صلى الله عليه وسلم حتى رجع كل شهر إلى نصابه، فحج عليه الصلاة والسلام والموسم مواطئ لشهره وميعاده، ولو حج قبل ذلك بعام لما استقام التوقيت، قال الإمام أبو بكر الجصاص في أحكام القرآن(4/306): وقد ذكر لي بعض أولاد بني المنجم أن جده-وهو أحسب محمد بن موسى المنجم الذي ينتمون إليه-حسب شهور الأهلة منذ ابتداء خلق الله السموات والأرض، فوجدها قد عادت في موقع الشمس والقمر إلى الوقت الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد عاد إليه يوم النحر من حجة الوداع، لأن خطبته هذه كانت بمنى يوم النحر عند العقبة، وإنه حسب ذلك في ثماني سنين، فكان ذلك اليوم العاشر من ذي الحجة على ما كان عليه يوم ابتداء الشهور والشمس والقمر في ذلك اليوم في الموضع الذي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد عاد الزمان إليه، مع النسيء بالذي قد كان أهل الجاهلية ينسئون وتغيير أسماء الشهور، ولذلك لم تكن السنة التي حج فيها أبو بكر الصديق هي الوقت الذي وضع الحج فيه.
هذا والله تعالى أعلم. والصلاة والسلام على رسول الله